الطابور الإخوانى الخامس ينشط مجدداً
الطحالب هى أبسط الكائنات التى تقوم بالتمثيل الضوئي، وتعيش معظم أنواعها فى المياه، سواء كانت عذبة كالأنهار والبحيرات أو مالحة كالبحار والمحيطات، ويوجد فى العالم أكثر من 115 ألف نوع من الطحالب منها 200 نوع سامة.
ما يعنينا فى هذه السطور، الأنواع السامة التى تنتشر على كثير من الشواطئ حول العالم ومنها شواطئنا، مسببة قتل النباتات البحرية والأسماك وحتى البشر والحيوانات البرية التى تقترب من هذه المياه، وتتفاوت فى درجة سميتها، وفى الوقت الذى تزدهر فيه بعض الأنواع لعدة أيام فقط.. وتندثر، عجبا، تنتشر أنواع أخرى بطرق ليست مفهومة إلى الآن فى كثير من شواطئ العالم.
أشهر الأنواع التى سجلت انتشارًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، الطحالب الحمراء السامة، ما يعرف بـ«المد الأحمر» وهى من أقدم الأنواع المعروفة، حيث سجلت ظهورها منذ أكثر من 3000 عام فى مياه المحيط الهندي، والبحر المتوسط، وبعض الجزر الصينية المحاصرة بالطحالب الحمراء السامة منذ عدة سنوات.
عند حدوث المد الأحمر فإن كثيرا من الأسماك تموت اختناقًا لدخول الطحالب إلى خياشيمها، وكذلك لاستهلاكها كميات كبيرة من الأكسجين المذاب، كما أن المحاريات تتغذى على هذه الطحالب وتقوم بتركيز السم بدواخلها وتسبب التسمم للإنسان عندما يتغذى عليها.
¿ ¿ ¿
طفحت على الشواطئ المصرية نوع نادر ومتحور من هذه الطحالب السامة، طحالب بشرية سوداء تخنق الأنفاس، وتمتص أكسجين الحياة، مستوجب تطهير الشواطئ المصرية منها قبل أن تختق الحياة.
طحالب الشواطئ المصرية تنتشر بشكل سرطانى فى الفضاء الإلكترونى، تنتشر بالعدوى الفيروسية، ومن أعراضها تسميم الأجواء وخنق الأمل فى النفوس، والتحبيط، والتيئيس، والحط على القيادة والحكومة والشعب باستدامة وبشكل ممنهج، وسحق المختلف بفاحش القول، ودحر التنوع بالترهيب، وفرض الأمر الواقع، تحت زعم الوطنية والمعارضة، ومنكور فعلهم ومستهجن فى كل كتاب.
هذه النوعية من الطحالب السوداء، وهو نوع يستوطن الشواطئ المصرية ينمو ويتغذى على مخلفات الموالسة المجتمعية الملتحقة بدثار دينى شكلانى بغيض، متى كان الدين أداة لإرهاب الناس فى الطرقات، والدين منهم براء، استخدام مفرط للترويع الديني، والتأنيب والتأليب باستخدام آيات القتال والجهاد والتضحية والشهادة والغوث فى سياق ما يجرى فى الأرض المحتلة من عدوان إسرائيلى بغيض.
وشهدنا طرفا منها ونتابع على مدار الساعة مع تداعيات حرب «طوفان الأقصى» فى الأرض المحتلة، نشطت الطحالب السودا تسمم الآبار المصرية، وتهيج العامة فى الطرقات، وتنادى بالجهاد، ويتردد صدى كذبهم البواح «ع القدس رايحين شهداء بالملايين» وهم قعود رقود على جنوبهم وبطونهم يوم الزحف.
الشواطئ المصرية تعانى تلوثا من جراء انتشار الطحالب الإخوانية السامة، تتشكل فى ظاهرة مد سلفى مؤدلج يضرب فى قواعد المجتمع، من أسفله، ليقوض بنيان الدولة، ويخلخل استقرارها، ويبلبل بنيتها المجتمعية فى توقيت عصيب، ويبذر الشقاق، ويستدعى الخلاف، ويستهدف الفوضى، ويعيد قسمة المجتمع موالاة ومعارضة، وقد سئمنا هذه قسمة، وهرمنا ونحن نعالج آثارها ومضاعفاتها المرضية التى تنخر فى أساسات المجتمع.
¿ ¿ ¿
عطفا على حديث الطحالب السامة، تشهد الحالة المصرية ظاهرة إخوانية طحلبية غفلت عنها المراجع العلمية، تشهد بوضوح ظاهرة «الطابور الخامس»، التى كنا لفظناها قبلا، والعسس، وكتائب الإخوان، من مخلفات عصر مضى، عشنا عصرًا كان الإخوانى يمشى فى الأسواق متكئًا على عصاه ينفث فى الهواء خبثه، ويلوث بسناج نفسه الملابس البيضاء منشورة فى الشرفات.
ليس دفاعًا عن «حكومة أو منظومة»، والحكومة عادة تنتقد، وتتهم، وتراجع، وتحاسب، وتقال، وتستقيل، ولكن الخشية كل الخشية من انتشار طحالب «الإخوان» وفى طور متحور، يتغذى على التناقضات المجتمعية، ويتجبر فى غيبة القانون، وينتشر بفعل الخواء المعلوماتى فى الفضاءات الإلكترونية التى توفر ملاذات آمنة للإفلات من العقاب.
ينفذون من الفراغات، يخرجون من جحورهم مجددا كالفئران يحملون العدوى بالطاعون، يتلوون فى الهواء يفحون كالحيات، مجللة الأصوات، قبيحة الصدى.
الحركة النشطة لفصيلة الطحالب الإخوانية السوداء تستوجب رصدا، ظاهرة جديرة بالتوقف والتبين، التوقف لتبين من وراء هذا المد الإخوانى الأسود، هل هى كتائب كامنة ونشطت، ومن هو محركها الفعلى تحريضا على خلط المجتمع، واستهلاك أكسجين الحياة تحريضا على السلم المجتمعى.
البحر كالنهر يغسل أدرانه فقط دعوة يمضى، لكن أن يتطوع نفر من الطحلبيين ليشكلوا من أنفسهم دعاة إصلاح، ومتمنطقبن بحزام العفة والفضيلة الوطنية، ويعينون من أنفسهم رقباء على سلوك القيادة والحكومة وسياساتها، ويجرجرون المجتمع من رقبته إلى ساحات الخلاف والاختلاف، ويشيرون صورا قبيحة لمصر تتحدث عنها الركبان، واللى ما يشترى يتفرج على ما يجرى فى مصر..
جد خطير ويورث قلقا، ظاهرة الطحالب الإخوانية السوداء، نوع نادر منقرض من فصيلة الطحلب الأحمر السام، الذى يهتبل القانون اهتبالًا ويسوم البشر سوء العذاب، ظاهرة جد خطيرة، كنا قد غادرنا هذا المربع المخيف، كيف عدنا إليه؟.
الطحالب الحمراء لاتعمر طويلا، يجرفها المد البحرى، للأسف على شواطئنا تتكاثر الطحالب السوداء متشبثة بالأرض، عاد إخوان الشيطان بضراوة وحقارة، يقتنصون جملة شاردة من نص وافٍ ليثيروا زوبعة، ولفظ من دردشة فى برنامج ليقمعوا اللفظ، ويقبّحوا البشر، ويشقوا القلوب اطلاعًا على النوايا، وسوء طويتهم غالب.
ترك المجتمع نهبًا لهذه الطحالب الإخوانية السامة، لفزاعات السقوط، ودوامات الفشل، ويتحول المجتمع بأسره إلى هدف ثابت ولوحة نيشان لكل من فى نفسه مرض.
مازورة النجاح والفشل صارت حكرًا على نفر من الفاشلين المتبضعين فى الطرقات، وصم الحكومة بالفشل لا تكلف كثيرًا، ولكن تخلف كثيرًا من القلق على المارة فى الطرقات.
المد الإخوانى الذى بلغ أعلاه فى يناير 2011، خلف طحالب سامة على الشواطئ الطيبة، برزت ظاهرة «المحتسب السياسي»، الذى لم يترك مسؤولًا فى مصر إلا وجرجره من عنقه بجملة اتهامات أغلبها تمس الذمم المالية لشرفاء عاشوا أيامًا سودة حتى ثبتت براءتهم بعد إدانة مجتمعية مخيفة تأسيسًا على بلاغات ثأرية.
سكتنا على هذه البلاغات نكاية وثأرية فى نظام سقط بفعل فاعل، سكوتنا أغرى بالمزيد من البلاغات، بلغت حد الخيانة العظمى، ونحن عنها غافلون، ودارت الدائرة على المصفقين والمهللين لهؤلاء، نفس الوجوه التى طاردت عصر ما قبل الثورة هى التى تقفت عصر ما بعد الثورة، وصار الكل ما بين فاسد أو خائن إلا من رحم ربى.
نفس الوجوه الاخوانية القبيحة بعد أن فرغت من اغتيال الوجوه القديمة، واستوعبت هزيمتها القاسية فى 30 يونيو، عادت سيرتها الأولى، تعاود نشاطها فى التحريض، والتأليب، وبث الشائعات، ونشر الدعوات، وإشاعة الفوضى فى البلاد.
ظهور الطحالب الإخوانية السوداء على الشواطئ المصرية مجددا بعد اندحار، يورثنا الخوف والخشية من تمدد الظاهرة البحرية الخطيرة، الطحالب السامة تتكاثر على الشواطئ، مطلوب رش المبيدات عاجلا، وتحصين المجتمع، وتطبيق القانون.
مكافحة «الطحالب الإخوانية» تتطلب جهدا، وكما نكافح ورد النيل يرش المجرى النهرى بالمبيدات تباعا، مطلوب تطهير الشواطئ من الحشائش الضارة والمحارات السياسية التى تأوى إليها هذه الطحالب السامة تقية فى دثار المعارضة.
الآن يمكنك الاشتراك في مجلة المصور النسخة الورقية أو الإلكترونية من خلال الرابط التالي