أثناء الحروب الصليبية، تعرض دير القديس الأنبا هرمينا السائح في جبل قاو بمركز البداري بأسيوط، لاعتداءات وحشية، مما أدى إلى هجرة الرهبان في القرن الرابع عشر الميلادي. ومع ذلك، تم اكتشاف الدير مرة أخرى في القرن التاسع عشر الميلادي وتم إجراء أعمال ترميم عليه في ذلك الوقت.ش
دير القديس الأنبا هرمينا السائح هو الدير الوحيد في العالم الذي يحمل اسم القديس هرمينا. ويتألف الدير من كنيسة واحدة تُعتبر من أعظم الكنائس الأثرية المحتفظ بها حتى الآن. يعود تاريخ الدير إلى القرنين الرابع والخامس الميلاديين، حيث تأسس على يد القديس هرمينا، الذي كان معروفًا بزهده وتقواه.
الكنيسة الموجودة في الدير هي كنيسة كبيرة تتميز بقبابها، وتتألف من قسمين. القسم الأول يضم خمسة مذابح تحمل أسماء رئيس الملائكة الجليل ميخائيل، والقديسة العذراء مريم، والشهيد العظيم مار جرجس، والأنبا تكلا هيمانوت الحبشي، والأنبا هرمينا السائح. أما القسم الثاني فيتألف من كنيسة صغيرة تحتوي على مذبح واحد باسم الأنبا أنطونيوس.
ولد القديس هرمينا في الإسكندرية في أواخر القرن الثالث الميلادي، وترعرع في أسرة مسيحية متدينة. عندما بلغ سن الشباب، قرر أن يدخل الحياة الرهبانية، وسافر إلى جبل قاو في أسيوط واستقر في دير القديس أنطونيوس. اشتُهر القديس هرمينا بزهده وتقواه، وقضى معظم وقته في الصلاة والعبادة، وكان يهتم بالفقراء والمحتاجين.
عاش الدير أيام العصور الوسطى في رواج وازدهار، وكان يعتبر وجهة مهمة للزوار من جميع أنحاء مصر. تم بناء العديد من الكنائس والأديرة الأخرى في المنطقة المجاورة للدير في ذلك الوقت.
ومع ذلك، تعرض دير القديس هرمينا لأضرار جسيمة خلال الحروب الصليبية وتم هجره في القرن الرابع عشر الميلادي. ولكن تم اكتشاف الدير مرة أخرى في القرن التاسع عشر الميلادي وبدأت أعمال ترميم وإعادة بناء الدير. وحتى اليوم، يعتبر دير القديس الأنبا هرمينا السائح واحدًا من المواقع الدينية الهامة في مصر وجذب سياحًا وزوارًا من مختلف أنحاء العالم.
يُعرف الدير بجماله المعماري والفني، حيث يتميز بالأعمدة الرخامية والأيقونات الجميلة والفسيفساء الفنية. كما يضم الدير مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات القديمة التي تعود إلى العصور الوسطى.
تعد زيارة دير القديس الأنبا هرمينا السائح تجربة روحية للزوار، حيث يمكنهم استكشاف الكنائس والمباني المختلفة في الدير والتعرف على تاريخه وثقافته. كما يمكن للزوار الاستمتاع بالهدوء والسكينة في المكان وأداء الصلوات والتأمل.
إن دير القديس الأنبا هرمينا السائح يعتبر مثالًا بارزًا للتراث الديني والثقافي في مصر، ويعكس تاريخ وتراث المسيحية في المنطقة. إن الحفاظ على هذا الدير وترميمه يعد جهدًا مهمًا للحفاظ على التراث الثقافي للبلاد وإتاحة فرصة للجميع لاستكشافه والاستفادة منه