عندما تكون المرأة أجمل هدية..ذات الأصول المصرية- اللبنانية التي رهنت خاتم زفافها لتمنح زوجها جائزة نوبل..
جابرييل جارسيا ماركيز ، الكاتب الكولومبي الأشهر في العالم وأحد أعظم الكتاب في عصرنا بالإضافة إلى أعماله الأدبية الكبيرة، كان بطل قصة حب يمكن أن تؤثر في أي شخص.
التقى جارسيا ماركيز بمرسيدس بارشا ( وهي حفيدة مهاجر مصري- لبناني) سنة 1941حين كانا طفلين. كان عمره ٱنذاك 14 سنة في حين كان عمرها لا يتجاوز 9 سنوات. ومنذ ذلك الحين، أحس “غابو” كما يلقبه أصدقاؤه، أنها المرأة التي يريد أن يقضي معها بقية أيامه.
تزوج الثنائي في مارس 1958 ورزقا بطفلين هما گونزالو ورودريگو وبقيا مع بعض 56 سنة لغاية وفاة ماركيز سنة 2014 عن عمر يناهز 87 عاما.
شكلت مرسيدس بارشا الذراع الأيمن لجارسيا ماركيز، ووقفت بجانبه في أصعب لحظات حياته، وكان دعمها حاسمًا في مسيرة جابو المهنية، ووثق ذلك كثيرًا في أعماله الأدبية بأنها دعمته دون قيد أو شرط خصوصا خلال 18 شهرًا التي اعتكف فيها ماركيز لكتابة تحفته «مائة عام من العزلة» التي نشرت سنة 1967، وبعد شهور حققت ايرادات عالمية ، وتم ترجمتها الى 21 لغة وبيع منها ملايين النسخ ، وكانت أحد أسباب حصوله على جائزة نوبل سنة 1982.
يقول جارسيا ماركيز في أحد أعماله : بدون مرسيدس، أنا لم أكن، ولم أكتب رواية “مائة عام من العزلة”، تولت المسؤولية هذه الفترة بمفردها، كنت قد اشتريت سيارة منذ أشهر، وعندما نفذ المال رهنتها وأعطيتها المال، اعتقدت أنه سيكفينا لمدة ستة أشهر حتى انتهي من كتابة الرواية، لكنني أمضيت سنة ونصف في كتابتها. عندما نفذ المال، لم تخبرني بأي شئ، لا أعرف كيف وفرت كل شئ بدون مال، اللحم من الجزار والخبز من الخباز، وكيف انتظرنا صاحب الشقة لمدة تسعة أشهر لدفع الإيجار، لقد اعتنت بكل شئ دون علمي، حتى أنها كانت تجلب لي مال بين الحين والآخر، وحين انتهيت من كتابة الرواية كنت بحاجة إلى مال لإرسالها وأعطتني خمسمائة ورقة أخبرتني أنها كانت مفقودة بالمنزل، ولكنها لم تكن مفقودة».
واتضح فيما بعد أن بارشا رهنت خاتم زفافها لكي تمنع زوجها من رهن الٱلة الكاتبة وتوفير المال الضروري لارسال الرواية للناشر.
غيب الموت مرسيدس بارشا في غشت 2020 عن عمر ناهز 87 عاما ( نفس عمر زوجها أثناء وفاته)، وشكلت نموذجا ملهما للمرأة العظيمة والصبورة التي واجهت صعوبات الحياة ومشاكلها اليومية حتى يتفرغ زوجها لتحقيق أحلامه. وكانت المودة التي شعر بها كلاهما كبيرة جدًا لدرجة أنها طلبت منه الزواج مرة ثانية في عام 2012، عندما بلغت 80 عامًا من أجل تعزيز وعودهما وتوضيح أنهما رفقاء روح.
أجي تفهم القانون.
مرسيدس راكيل بارشا باردو الكولومبية من أصول مصرية، أرملة الأديب العالمي والكاتب الكولومبي «جابرييل جارسيا ماركيز»، في منزلها في العاصمة المكسيكية «مكسيكو» عن عمر يناهز 87 عامًا، «مودة» كما اعتاد ماركيز تسميتها كانت جزءا أساسيا في مسيرته الأدبية، خاصة بالنسبة إلى روايته الأكثر شهرة «مائة عام من العزلة» والتي أهلته مع أعماله الأخرى للفوز بجائزة نوبل في الأدب عام 1982. عبارات الحب لم تكفي مرسيدس حتى بعد عشرات الأعوام من الزواج، على حد وصف شريك عمرها، الذي رغم براعته الأدبية إلا أن قلمه عجز عن كتابة الوصف الكافي لها،
أبرز الرسائل التي كتبها ماركيز متحدثا فيها عن مرسيدس باللغة الإسبانية، والتي نشرتها «مؤسسة جابو» – لقب الروائي الراحل- واسمها بالكامل مؤسسة جابرييل ماركيز للصحافة الإيبرية الأمريكية الجديدة.
1- مرسيدس والتنجيم
«برجي برج الحوت وزوجتي هي مرسيدس، هذان هما أهم شيئين حدثا في حياتي، لأني بفضلهما – على الأقل حتى الآن – تمكنت من النجاة بالكتابة »
من مقال «بورتريهات وصور ذاتية» – نشر عام 1973
2- حلم الحب الذي أصبح حقيقة
«قابلت مرسيدس في سوكري، وهي بلدة تقع في الجزء الداخلي من الساحل الكاريبي، حيث عاشت عائلاتنا لعدة سنوات، وحيث قضيت أنا وهي عطلاتنا، كان والدها ووالدي أصدقاء منذ الشباب، ذات يوم، خلال حفل رقص طلابي، كانت تبلغ من العمر 13 عاما فقط، طلبت منها أن تتزوجني، أعتقد الآن أن هذا الطلب كان بمثابة قفزة فوق كل المراحل التي كان يجب أن أقوم بها في ذلك الوقت للحصول على صديقة.واصلنا رؤية بعضنا البعض بشكل متقطع، والرابط الوحيد في كل لقاء هو الصدفة، وأعتقد أننا علمنا في كل لقاء أن طلبي المجازي سيصبح عاجلا أم آجلا حقيقة، وبعد حوالي 10 سنوات من هذا الطلب وبدون أن نكون أصدقاء حقيقيين، أصبحنا زوجين انتظرا بدون قلق نهاية معروفة لا مفر منها، طوال خمسة وعشرين زواجا لم يكن لدينا أي وقت لنشوب جدل. أعتقد أن السر يكمن في أننا واصلنا فهم الأشياء كما فهمناها قبل الزواج، بعبارة أخرى، الزواج، مثله مثل الحياة كلها أمر صعب للغاية، ويجب علينا أن نبدأ من جديد من البداية كل يوم وكل يوم في حياتنا، نبذل الجهد المستمر، المرهق في بعض الأحيان، ولكنه يستحق ذلك، إحدى الشخصيات في إحدى رواياتي تقول ذلك بطريقة فظة: الحب أيضًا يُتَعلم ! ».
رائحة الجوافة: محادثات مع بلينيو أبوليو ميندوز (1982)
3- عالم خلق بأربع أيادي
«أعتقد أن مرسيدس تقوم بعمل هام للغاية، هذه الحياة التي نعيشها هي حياة خلقناها معا، قمنا بتقسيم العمل فيما بيننا، وعندما لا يتم تنفيذ إحدى الوظيفتين بشكل جيد، يفشل كل العمل المشترك».
«الذكورية هي محنة الإنسانية» – محادثات جابرييل ماركيز مع 9 أدباء (1981)
4- جعلت الرواية ممكنة
«بدون مرسيدس، أنا لم أكن، ولم أكتب رواية “مائة عام من العزلة”، تولت المسؤولية هذه الفترة بمفردها، كنت قد اشتريت سيارة منذ أشهر، وعندما نفد المال رهنتها وأعطيتها المال، اعتقدت أنه سيكفينا لمدة ستة أشهر حتى انتهى من كتابة الكتاب، لكنني أمضيت سنة ونصف في كتابة الرواية. عندما نفد المال، لم تخبرني بأي شئ، لا أعرف كيف وفرت كل شئ بدون مال، اللحم من الجزار والخبز من الخباز، وكيف انتظرنا صاحب الشقة لمدة تسعة أشهر لدفع الإيجار، لقد اعتنت بكل شئ دون علمي، حتى أنها كانت تجلب لي مال بين الحين والآخر، وحين انتهيت من كتابة الرواية كنت بحاجة إلى مال لإرسالها وأعطتني خمسمائة ورقة أخبرتني أنها كانت مفقودة بالمنزل، ولكنها لم تكن مفقودة».
رائحة الجوافة: محادثات مع بلينيو أبوليو ميندوز (1982)
5 – مرسيدس المحاربة
«اتبعت مرسيدس أسلوب النساء الكولومبيات الأخريات خلال الحروب الأهلية، تصرفت مثلهن، كان عليها أن تعتني بكل الأمور المنزلية، وأن تبقي المنزل واقفا كأنها تقاتل في الصفوف الأمامية، قامت بكل أنواع الأعمال الرائعة، وفرت لي يوميا – بطريقة أو بأخرى – ما احتاجه للكتابة كالسجائر والأوراق، حتى أنها اقترضت المال وأصبحت مديونة لبعض المحلات».
مقابلة مع جابرييل جارسيا ماركيز لمجلة بلاي بوي (1982)
6 – شخصية فريدة
«لا توجد شخصية في رواياتي تشبه مرسيدس، في المرتين التي ظهرت فيها في “مائة عام من العزلة”، كانت هي نفسها، مع اسمها وهويتها كطبيبة، وهو الأمر نفسه الذي حدث في ظهورها بـ “سرد أحداث موت معلن”، لم أتمكن مطلقًا من وصفها أو استخدام صفاتها بشكل أدبي كامل، رغم أنها شخصية حقيقية إلا أنها بدت لي حلم لا أستطيع التعبير عنه، أو بطريقة أخرى، لقد تعرفت عليها كثيرا لدرجة أنني لم أعد أمتلك أدنى فكرة عما هي عليه حقا».
رائحة الجوافة: محادثات مع بلينيو أبوليو ميندوز (1982)
7- الحب والصداقة والسعادة
«مرسيدس صديقة عظيمة، من الصعب أن تجد هذا التوازن بين الحب والسعادة، سعادتنا تتجدد بفضلها كل يوم، وكل يوم نكافح من أجل استمرار زواجنا كأول لحظة، مع كل خلاف كنا نعود أصدقاء وننسى ما حدث، ومع كل صباح نجدد عهدنا».
من مقاله «تخيلت أنني سأصل» أو جلوبو – إصدار عام 1988
8 – أمينة القصص
«الآن أنا أتحدث عنها ككاتب محترف، بالإضافة إلى امتلاك كل العناصر اللازمة لأكون كاتبا محترفا، لدي عامل آخر مهم جدا، وهي مرسيدس، التي تتأكد من عدم نفاد أي شئ مني قبل أن أنتهي من الكتابة حتى أصبحت حارس أعمالي».
من مقاله (هذا جابو) المنشور بمجلة سيمانا في مايو عام 1985
9 – قارئة الأعداد الأولى
«تقرأ مرسيدس أعمالي وهي مطبوعة فقط، أول نسخة دائما ما تكون لها، لقد صدمت من هدوئها وانتظارها حتى انتهاء الطباعة لتقرأها رغم أنها معها منذ اللحظة الأولى، إنها تراني أتجادل مع أصدقائي وغالبا ما أتشاجر على الكتاب، الذي توجد مخطوطاته معها أسفل السرير، لكنها قررت ألا تقرأ مخطوطاتي أبدا، وكلما عرضت عليها قراءتها تقول: أنا خائفة».
من مقاله «صانع الكلمة» – انتصار نوفمبر 1980
10 – المرأة التي تحمل الدنيا
«للأسف مرسيدس عاشت الجزء الأسوأ من نجاحي، كانت تدير كل شئ خاص بالمنزل أو عملي، ترد على الهاتف، تؤجل المواعيد، تنقل الأشياء، وأنا لا أعرف شيئا عن ذلك، لا أعرف كيف يُدَار هذا المنزل، أنا لا أعرف حتى مقدار المال الذي أملكه، لا أعرف ما إذا كان لدي شيء لآكله غدًا، أو إذا لم يكن لدي شيء لأكله، لا اعلم شيئا على الاطلاق، ليس لدي دفتر شيكات، وليس لدي توقيع مصرفي، أعتمد على المال في جيبي فقط، وحدث كثيرًا أن الوقود ينفد مني في الشارع، وأذهب للدفع وليس لدي نقود، لدي وكيل أدبي في برشلونة، وهي امرأة أخرى تدعى كارمن بالسيلس، وهي التي تهتم بجميع الكتب والترجمات والناشرين والمال، مرسيدس لم تكن تفهم الأمور المالية مثلي ولكنها اهتمت بكيفية إدارة هذا الأمر وأنا لا أسألها كيف، أكرس نفسي فقط لكتبي وما أفعله في فترة ما بعد الظهر».
«الذكورية هي محنة الإنسانية» – محادثات جابرييل ماركيز مع 9 أدباء (1981)