في وقت حرج تمر فيه الدولة المصرية بظروف صعبة، تستهدفها قوى مخابراتية لها أذرع في الداخل، فوجئ المصريون أمس ببيان مشبوه صادر عن البرلمان الأوروبي يدين أوضاع حقوق الإنسان بمصر.
يُعد هذا البيان انتهاكًا صارخًا وسافرًا لدولة ذات سيادة ولها ثقلها وتأثيرها المحوري في منطقة الشرق الأوسط، وهو انتهاك واضح لمواثيق الأمم المتحدة التي تؤكد على أن السيادة صفة لصيقة بالدولة، وأنه لا يجوز التدخل في الشئون الداخلية للدول تحت أي ظرف، ما لم ترتكب هذه الدول انتهاكات تمس السلم والأمن الدوليين.
كما أن هذا البيان المشبوه جاء في توقيت خطر، تتربص فيه جماعة الإخوان الإرهابية والدول الداعمة لها بالدولة الوطنية المصرية في محاولة لإطلاق الفوضى، وهي اللحظة التي ستمنج جماعة الإخوان الإرهابية قُبلة الحياة لاستهداف المؤسسات الوطنية كالجيش والشرطة والقضاء والسعي لتفتيت وحدة الدولة.
ومن المثير للريبة أن بيان الاتحاد الأوروبي يتدخل في شأن خاص، وهو الانتخابات الرئاسية، ويزعم أن الدولة المصرية تمارس ضغوطا على المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي في محاولة لمنع ترشحه ومنع المواطنين من عمل توكيلات له.
وفي الحقيقة، فإن ما زعمه البيان بخصوص الطنطاوي مناف للواقع، حيث أنه يمارس الحرية الكاملة في الترويج لنفسه كمرشح محتمل للرئاسة ويمارس أقصى درجات النقد اللاذع ضد الحكومة المصرية ورئيس الدولة نفسه.
بل ومن الفضيحة الكبرى أن البيان تجاهل أن الطنطاوي مارس الدعاية الانتخابية لنفسه دون مضايقة قبل أي مرشح للرئاسة، بل وقبل إعلان المواعيد المحددة قانونا، وأن الطنطاوي يتحرك في الشوارع والإعلام بحرية كاملة.
والعجيب أن البيان تمادى في التدخل السافر في الشأن المصري بالمطالبة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين، وهو المطلب الذي يستهدف في الأساس إفراج السلطات المصرية عن قيادات جماعة الإخوان الإرهابية التي ثار عليها المصريون وارتكبت جرائم مروعة ضد مؤسسات الدولة وجنود الجيش والشرطة.
ولعل هذا المطلب المريب يمثل بلا شك تدخلا سافرا أيضا في شئون القضاء المصري الذي هو قضاء مستقل لا يمكن المساس به.
ومن المغالطات أن طالب بيان البرلمان الأوروبي بالإفراج عن هشام قاسم متناسيا أنه تم سجنه لأسباب جنائية.
مثل هذه البيانات المشبوهة تمثل تغولا على إرادة المصريين وتدخلا سافرا في شئونهم الداخلية ومحاولة بائسة للنيل من اختياراتهم الحرة وكرامتهم.
ويجب على البرلمان الأوروبي أن يراعي ويحترم مبدأ المعاملة بالمثل التي ينص عليها القانون الدولي وينتهكها هو بلا هوادة.