حضور الرئيس السيسى مغتبطًا احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوى الشريف، صلى الله عليه وسلم، يحيلك مباشرة إلى غبطته ساعة حضوره قداس عيد ميلاد السيد المسيح، عليه السلام.
صورتان بليغتان ترسمان صورة الدولة المصرية فى تجليها دولة «المحبة» وترجمتها «دولة المواطنة» ورأسها (رأس الدولة)، لا يفرق بين مواطنيه، ويشاركهم احتفالاتهم الدينية جميعًا.
وعلى نهج المحبة نخطو خطو الواثقين، والمصريون الأصلاء دومًا عند حسن الظن بهم، وسيل التهانى بمولد النبى، صلى الله عليه وسلم، ينهمر عذبًا من نبع محبة إخوتنا يغسل الأرض الطيبة، صارت رُبًى خضراء خصبة تنمو فيها بذور المحبة المطمورة فى ضمائر المصريين.
سيل التهانى بمولد الهدى يفرح القلب، كل هذا الجمال، كل هذه المحبة، فعلًا «قرب حبة تزيد محبة»، معلوم من يحب الله يحب أخاه فى الله، ويسعى إليه مهنيًا، مباركًا، ولو برسالة، لا تبخلوا بالمحبة، وسارعوا فى الخيرات، والمحبة لا تكلف مشقة، المحبة نعمة مش خطية، الله محبة، الخير محبة، النور محبة.
المحبة راكزة كالمعدن النفيس فى أعماق الشعب المصرى الجميل، متجذرة فى ضميره الإنسانى منذ فجر الحضارة، ويضرب نموذجًا ومثالًا حيًا فى أحاديثه الجميلة، وأفعاله تترجم أقواله.
لن نعدد الأمثلة، إن تعدوا صور المحبة لا تحصوها، سيل التهانى موصولة، الفيس مرشوم حلاوة، وعروسة وحصان، وسمسمية وحمصية وفولية، والمصريون جميعًا يُقبلون على حلاوة المولد محبة.
المصريون مفطورون على فقه المحبة، المحبة والحمد لله تفيض على شطآن النيل، المحبة ظاهرة للعيان، لا تُخطئها عين حبيب، والمصريون يحبون الحب فى أهله ويمقتون الكره فى أهله، ويعالجون الكراهية بماء المحبة.
المحبة شعور إنسانى راقٍ، يلمسونها، ويعيشونها، ويغتبطون بها، نهر المحبة يجرى فى الأرض الطيبة، المحبة تفيض على ضفاف النيل، منسوب المحبة والحمد لله مرتفع بين الأحباب، فيضان المحبة يروى الأرض العطشى، وكلٌّ يهنئ جاره.
غارت مياه الكراهية بعيدًا، ونضب مصرف الغلو والتشدد، واختفى من المشهد المصرى وجوه دعاة الكراهية، وصلنا والحمد لله إلى «مربع المحبة» بعد جهد جهيد وإخلاص المخلصين المستنيرين لرسالتهم.
غسل الوجوه بماء المحبة، الوضوء الوطنى من دنس الكراهية، والمؤذن يؤذن بالصلاة فى محراب التسامح، المصرى الطيب لم يعرف يومًا تمييزًا، حتى فى الأسماء، كانت الأسماء مشتركة، وكانت البيوت متلاصقة، والجار للجار حتى سابع جار، مودة ورحمة وإيثارًا.
مرت عقود الكراهية طويلة كئيبة، كنا نتشوق لنسيم المحبة يجمع بين الأحباب، اللمة والعشرة والناس الطيبة، هبت علينا رياح الهبوب تلفح الوجوه بفتاوى متفجرة، تم إبطالها، والتوقى منها، لقاح المحبة كان فعالًا فى وأد فيروسات الكراهية المتحورة إخوانًا وسلفيين، وقانا الله منهم أجمعين.
مطلوب «هش» فلول الغربان والحدادى الناعقة بالطائفية من على شجر الوطن، وكبح شرورهم أقوالًا وأفعالًا بالقانون، القانون وجاء.. وقاية من أمثالهم، وإن لم يرعووا لأدبيات العيش الكريم المشترك، فالعقاب المجتمعى سيردعهم عاجلًا غير آجل، فالوطن لا يحتمل أمثالهم، ولا أتباعهم، سيجرفهم نهر المحبة يجرى رقراقًا فى الأرض الطيبة.